إذا ضاقت بك الأمور إلى أقصى حدّ ممكن، إذا تدهورت أوضاعك إلى درجة تنذر بالخطر، إذا وصلت إلى حالة ليس فقط يرثى لها وإنّما يؤسف عليها، فإنّي أنصحك وأنصح نفسي بالتوّجه إلى عيادة الدّكتور سيوران. ففيها من الوصفات الجاهزة ما يكفي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، هذا إذا ما بقي شيء لكي ينقذ أصلا. فالدّكتور سيوران مختص بالأمراض العصبيّة والحالات السّوداويّة الأكثر قتامة. إنّه يعطيك نصائح ليس فقط لكي تعرف كيف تواجه المصائب المنهالة عليك من كلّ حدب وصوب، وإنّما لكي تفرح بها، لكي تشتهيها، لكي تلقي بنفسك في أحضانها حتّى قبل أنّ تحصل: وداوني بالتي كانت هي الدّاء!
وكما أنّ الطبيب يعطيك نصائح ضدّ الزّكام أو السلّ أو الكوليرا عن طريق ضخّ بعض جراثيم هذه الأمراض في جسمك، فإنّ الفيلسوف الرّوماني أميل سيوران من كثرة ما يضخ في روحك من أنواع التشاؤم والنّحيب والنعيب يجعلك فعلا محصنا ضد السوداويّة وربّما الانتحار. بل وتصبح قادرا على أن تتقبّل أي محنة حتّى ولو كانت بحجم الكارثة التاريخيّة: كارثة الشّعب السّوري مثلا. ماذا تريد أكثر من ذلك؟