وان قيل لي ثانيةً : ستموت اليوم، فماذا تفعل !
لن أحتاج إلى مهلة للرد: إذا غلبني الوَسَنُ نمتُ. وإذا كنت ظمآن شربتُ. وإذا كنتُ أكتب، فقد يعجبني ما أكتب و أتجاهل السؤال.
و إذا كنت أتناول طعام الغداء، أضفت إلى شريحة اللحم المشويّة قليلًا من الخردل و الفلفل. وإذا كنت أحلق، فقد أجرح شحمة أذني.
و إذا كنت أقبل صديقتي، التهمت شفتيها كحبة تين. و إذا كنت أقرأ قفزت عن بعض الصفحات. وإذا كنت أقشِّر البصل ذرفت بعض الدموع.
و إذا كنت أمشي واصلت المشي بإيقاع أبطأ. وإذا كنت موجودًا، كما أنا الآن، فلن أفكِّر بالعدم. وإذا لم أكن موجودًا، فلن يعنيني الأمر.
وإذا كنت أستمع إلى موسيقى موزارت، اقتربتُ من حيِّز الملائكة. وإذا كنتُ نائمًا بقيت نائمًا وحالمًا وهائمًا بالغاردينيا.
وإذا كنتُ أضحك، اختصرتُ ضحكتي إلى النصف احترامًا للخبر.
فماذا بوسعي أن أفعل !
ماذا بوسعي أن أفعل غير ذلك، حتى لو كنتُ أشجع من أحمق، و أقوى من هرقل !
محمود درويش