الاثنين، 24 ديسمبر 2012

الخلود,, الموت


نأتي من هاوية مظلمة و ننتهي إلى مثيلتها . أما المسافة المضيئة بين الهاويتين فنسميها الحياة .
لحظة أن نولد تبدأ رحلة العودة . الانطلاق والعودة في آن . كل لحظة نموت 
لهذا جاهر كثيرون إن هدف الحياة هو الموت .
ما أن نولد حتى تبدأ محاولاتنا في أن نخلق ونبتكر , أن نجعل للمادة حياة . كل لحظة نولد .
لهذا جاهر كثيرون إن هدف الحياة الدنيا هو الخلود .
في الأجسام الحية الفانية يتصارع هذان التياران :
الصاعد , نحو التركيب , نحو الحياة , نحو الخلود .
الهابط , نحو التحلل , نحو المادة , نحو الموت .
هذان التياران ينبعان من أغوار الجوهر البدائي . الحياة تفاجئ في البدء , وتبدو وكأنها خارجة على القانون , كأنها طبيعة مضادة , كأنها رد فعل على الينابيع المظلمة الخالدة .
لكننا نشعر في أعماقنا أن الحياة هي الأخرى فوضى وفوران لا نهائي للكون , وإلا فمن أين تأتي تلك القوة التي فوق طاقة البشر ؟
تلك القوة التي تقذف بنا من الغيب إلى الميلاد ثم تشد أزر كفاحنا نباتات وحيوانات وبشراً .
هذان التياران كلاهما مقدس .
واجبنا أذن أن ندرك الرؤيا التي تستطيع أن تستوعب هذين الاندفاعيين الهائلين الفوضويين واللانهائيين , وتجانسهما , وأن نضبط بهذه الرؤيا فكرنا وسلوكنا .
نيكوس كازانتازاكيس


IP