الخميس، 17 أكتوبر 2013

متحف وضريح محمود درويش | حديقة البروة | رام الله


تم افتتاح حديقة البروة في مدينة رام الله بتاريخ 13 آذار 2012 في الذكرى السنوية لميلاد درويش,
البروة, هي قرية فلسطينية مهجرة في عكا, هي مسقط رأس شاعرنا محمود درويش

 




IP

الأربعاء، 16 أكتوبر 2013

رفيقي صبح الجيز

يحكى أنه في فترة منتصف السبعينات وفي العاصمة اللبنانية البحرية بيروت كان هناك شاب فقير يعشق الموسيقى، تعلم هذا الشاب على آلة البيانو ودرسها جيدا حتى أتقنها، وخلال دراسته لهذه الآلة تعلق الموسيقي الشاب تدريجيا بموسيقى الجاز، التي كانت قد بدأت إلى الظهور حديثا في لبنان، وهي النوع الموسيقي الذي أبدعه السود الزنوج في أميركا ليناهضوا وينافسوا بها موسيقى السيمفوني والتي كانت حكرا على الطبقة الأرستقراطية، وراح هذا الشاب بتعلم فنون الجاز واللعب على أوتارها حتى باتت موسيقاه المفضلة.
ولكن الأيام تمضي، فمن عادة الأيام أن تمضي دائما دون رجعة، وكانت حالة هذا الشاب تزداد فقرا مع هذه المهنة التي لا تأتي بقوت يومها، ولا بما يسد رمق صاحبها، وكما قال زياد في أغنية مربى الدلال واصفا مهنة الموسيقى (ورتوني المكنسة وطلعت زبال)، وبدأ هذا الشاب بالبحث عن عمل ضمن المجال الوحيد الذي يعرفه وهو العزف على البيانو، وظل يبحث ويبحث إلى أن وجد المهنة المطلوبة، وهي العزف في إحدى مطاعم بيروت الفاخرة والتي لا يقصدها سوى الطبقة المخملية من المجتمع البيروتي، كانت مهنته لا بأس بها من الناحية المادية، فقد كانت تكفي بضع ساعات يعزفها في آخر الليل وأوقات السهرة ليحصل على مدخول جيد يكفيه ويكفي احتياجاته، إلا أن مشكلة صغيرة كانت تؤثر في قلبه كل يوم عند ذهابه للعزف في المطعم وهي أن مدير المكان طلب منه أن يمتنع عن عزف أي من مقطوعات الجاز فهي لا تناسب ذوق الطبقة المتواجدة، بل كان يجب عليه أن يعزف الألحان السيمفونية الشهيرة، ولكن هذه المشكلة لم تكن عائقا في وجهه ليقدم الأعمال السيمفونية بطريقته الخاصة والتي حازت مع الأيام على رضا جميع الزبائن، فالموسيقى بالنهاية فن له مئات الوجوه، وهو ليس عملا سياسيا.
تبدأ فترة العزف في المطعم مع بداية السهرة اليومية، حيث يصل صاحبنا إلى هناك في موعد دوامه المحدد ليجلس في صدر الصالة بثيابه الأنيقة والتي اشتراها على حساب المطعم، ويستمر في العزف حتى أواخر الليل، وبعد أن يثمل جميع الحاضرين، ويشارف المطعم على الإغلاق، يأخذ أجرته ويقفل عائدا إلى منزله سيرا على الأقدام.

IP

الثلاثاء، 15 أكتوبر 2013

ورقة من غزة - رسالة من رسائل غسان كنفاني في ذكرى ميلاده

عزيزي مصطفى:
تسلمت رسالتك الآن ، و فيها تخبرني أنك أتممت لي كل ما أحتاج إليه ليدعم إقامتي معك في جامعة "كاليفورنيا" .
لابد لي يا صديقي من شكرك ، لكن ، يبدو لك غريباً بعض الشيء أن أحمل إليك هذا النبأ. وثق يا مصطفى أنني لا أشعر بالتردد أبداً ، بل أكاد أجزم أنني لم أر الأمور بهذا الوضوح أكثر مني الساعة .لا يا صديقي .. لقد غيرت رأيي ، فأنا لن أتبعك إلى حيث "الخضرة والماء والوجه الحسن " كما كتبت ، بل سأبقى هنا، ولن أبرح أبداً.
عندما أخذتُ إجازتي في حزيران ، وجمعت كل ما أملك توقاً إلى الإنطلاقة الحلوة، وإلى هذه الأشياء الصغيرة التي تعطي الحياة معنى لطيفاً ملوناً ،وجدت غزة كما تعهدها تماماً ،بأزقتها الضيقة ، ذات الرائحة الخاصة ،وبيوتها ذوات المشارف الناتئة. هذه غزة , لكن ما هذه الأمور الغامضة، غير المحددة ،التي تجذب الإنسان إلى أهله، لبيته، لذكرياته ،كما تجذب النبعة قطيعاً ضالاً من الوعول؟ لا أعرف. كل الذي أعرف أنني ذهبت إلى أمي في دارنا ذلك الصباح .وهناك قابلتني زوجة أخي المرحوم ساعة وصولي .وطلبت إلي وهي تبكي، أن ألبي رغبة نادية ابنتها الجريحة في مستشفى غزة، فأزورها ذلك المساء.أنت تعرف نادية ابنة أخي الجميلة ذات الأعوام الثلاثة عشر.
في ذلك المساء اشتريتُ رطلاً من التفاح، ويممتُ شطر المستشفى أزور نادية .كنت أعرف أن في الأمر شيئاً أخفته عني أمي وزوجة أخي، شيئاً لم تستطيعا أن تقولاه بألسنتهما ، شيئاً عجيباً لم أستطع أن أحدد أطرافه البتة .لقد اعتدتُ أن أحب نادية. اعتدت أن أحب كل ذلك الجيل الذي رضع الهزيمة والتشرد إلى حد حسب فيه أن الحياة السعيدة ضرب من الشذوذ الاجتماعي.
ماذا حدث في تلك الساعة؟ لا أدري.
لقد دخلت الغرفة البيضاء بهدوء جم.إن الطفل المريض يكتسب شيئا من القداسة، فكيف إذا كان الطفل مريضاً إثر جراح قاسية مؤلمة؟
كانت نادية مستلقية على فراشها،وظهرها معتمد على مسند أبيض انتثر عليه شعرها كفروة ثمينة.كان في عينيها الواسعتين صمت عميق، ودمعة هي أبداً في قاع بؤبئها الأسود البعيد، وكان وجهها هادئاً ساكناً، لكنه موحٍ كوجه نبي معذب.
مازالت نادية طفلة..لكنها تبدو أكثر من طفلة، أكثر بكثير، وأكبر من طفلة ، أكبر بكثير.
نادية!
لا أدري ، أأنا الذي قلتها، أم إنسان آخر خلفي؟ لكنها رفعت عينيها نحوي ، وشعرت بهما تذيباني كقطعة من السكر سقطت في كوب شاي ساخن.ومع بسمتها الخفيفة سمعت صوتها:
-عمي! وصلت من الكويت!
وتكسر صوتها في حنجرتها، ورفعت نفسها متكئة على كفيها،ومدت عنقها نحوي، فربت على ظهرها، وجلست قربها:
-نادية! لقد أحضرت لكِ هدايا من الكويت، هدايا كثيرة ،سأنتظرك إلى حين تنهضين من فراشك سالمة معافاة، وتأتين داري فأسلمك إياها.ولقد اشتريت لك البنطال الأحمر الذي أرسلت تطلبينه مني.نعم..لقد اشتريته.
كانت كذبة ولدها الموقف المتوتر.وشعرت وأنا ألفظها كأنني أتكلم الحقيقة أول مرة.أما نادية فقد ارتعشت كمن مسه تيار صاعق.وطأطأت رأسها بهدوء رهيب، وأحسست دمعها يبلل ظاهر كفي:
-قولي يا نادية..ألا تحبين البنطال الأحمر؟
ورفعت بصرها نحوي، وهمت أن تتكلم.لكنها كفت، وشدت على أسنانها.وسمعت صوتها مرة أخرى من بعيد:
يا عمي !
ومدت كفها، فرفعت بأصبعها الغطاء الأبيض ، وأشارت إلى ساق مبتورة من أعلى الفخذ..
يا صديقي !
لن أنسى أبداً ساق نادية المبتورة من أعلى الفخذ.لا ، ولن أنسى الحزن الذي جلل وجهها، والدمع في تقاطيعه الحلوة ،إلى الأبد.لقد خرجت يومئذ من المستشفى إلى شوارع غزة وأنا أشد باحتقار صارخ على "الجنيهين" اللذين أحضرتهما معي لأعطي نادية إياهما.كانت الشمس الساطعة تملأ الشوارع بلون الدم.كانت غزة، يا مصطفى، جديدة كل الجدة.لم نرها هكذا قط أنا وأنت .غزة هذه التي عشنا فيها، ومع رجالها الطيبين، سبع سنوات في النكبة كانت شيئاً جديداً. كانت تلوح لي أنها بداية .. فقط لا أدري لماذا كنت أشعر أنها بداية فقط.كنت أتخيل أن الشارع الرئيسي الذي أسير فيه عائداً إلى داري لم يكن إلا بداية صغيرة لشارع طويل يصل إلى صفد.كل شيء كان في غزة هذه ينتفض حزنا على ساق نادية المبتورة، حزناً لا يقف على حدود البكاء, إنه التحدي, بل أكثر من ذلك , إنه شيء يشبه استرداد الساق المبتورة !
لقد خرجتُ إلى شوارع غزة.شوارع يملؤها ضوء الشمس الساطع.
لقد قالوا لي : إن نادية فقدت ساقها عندما ألقت بنفسها فوق أخوتها الصغار تحميهم من القنابل واللهب، وقد أنشبا أظفارهما في الدار.كانت نادية تستطيع أن تنجو بنفسها .. أن تهرب .. أن تنقذ ساقها, لكنها لم تفعل.لماذا؟
لا، يا صديقي، لن آتي إلى "كاليفورنيا"، وأنا لست آسفاً البتة. هذا الشعور الغامض الذي أحسسته وأنت تغادر غزة.. هذا الشعور الصغير يجب أن ينهض عملاقاً في أعماقك، يجب أن تبحث عنه كي تجد نفسك،،هنا بين أنقاض الهزيمة.
لن آتي إليك..بل عد أنت إلينا.عد لتتعلم من ساق نادية المبتورة ما الحياة؟ وما قيمة الوجود؟
عُـد يا صديقي .. فكلنا ننتظرك .

 غسان كنفاني

IP

الاثنين، 14 أكتوبر 2013

( 2+3*1 ) بلا عنوان

رواية رائعة تجعلك تنظر للحياة, ولنفسك 

جميلة جدًا, بسيطة, وعميقة بذات الوقت !

تستحق أكتر من قراءة,

شُكرًا للكاتبة خالدة غوشة






Ramallah 12 oct 2013

IP

أن تقعي أرضاً ويكون اسمك أماني

أقرأ،
وفي مخضِ ذلكَ..
تنعزلُ كل الفراغات عني، ولا أحتاج أكثر من موسيقى!
،،

زياد يكتب،
وكأنه يمتحنُ حضورَ الموتِ كفرصةٍ أخيرة.. دونَ ضعفٍ.. لكنه يخاف!
هوَ بالفطرةِ خائفٌ وهزيل.. ووحيدٌ لولا الزاوية التي يفرد عليها وساعه.

[أن تقعي أرضاً ويكون اسمكِ
.. أماني]

شعرتُ حُلماً،
وعادت الكائنات الليلية مُذّ ذاكَ الحين تجرؤ على البكاء قربي!

العالم مليء بالنقصِ،
والوجع!

.. المرأة حاضرة،
البطل غائب!!


IP

الحياة حتى أخر قطرة

وان قيل لي ثانيةً : ستموت اليوم، فماذا تفعل !
لن أحتاج إلى مهلة للرد: إذا غلبني الوَسَنُ نمتُ. وإذا كنت ظمآن شربتُ. وإذا كنتُ أكتب، فقد يعجبني ما أكتب و أتجاهل السؤال.
و إذا كنت أتناول طعام الغداء، أضفت إلى شريحة اللحم المشويّة قليلًا من الخردل و الفلفل. وإذا كنت أحلق، فقد أجرح شحمة أذني.
و إذا كنت أقبل صديقتي، التهمت شفتيها كحبة تين. و إذا كنت أقرأ قفزت عن بعض الصفحات. وإذا كنت أقشِّر البصل ذرفت بعض الدموع.
و إذا كنت أمشي واصلت المشي بإيقاع أبطأ. وإذا كنت موجودًا، كما أنا الآن، فلن أفكِّر بالعدم. وإذا لم أكن موجودًا، فلن يعنيني الأمر.
وإذا كنت أستمع إلى موسيقى موزارت، اقتربتُ من حيِّز الملائكة. وإذا كنتُ نائمًا بقيت نائمًا وحالمًا وهائمًا بالغاردينيا.
وإذا كنتُ أضحك، اختصرتُ ضحكتي إلى النصف احترامًا للخبر.
فماذا بوسعي أن أفعل !
ماذا بوسعي أن أفعل غير ذلك، حتى لو كنتُ أشجع من أحمق، و أقوى من هرقل !
محمود درويش

IP

السبت، 27 أبريل 2013

الفنون والحياة


سُئل العقّادُ مرة: هل الفنون الجميلة من ضروراتِ الحياة، أم هي كمالياتٌ تأتي بعد لقمة العيش !
فأجاب: بوسعنا العيش دون مَلكة النظر سبعين عامًا دون أن نهلك، ولا نقدر أن نعيش سبعين يومًا دون الرغيف، ولم يقل أحدٌ لهذا إن الرغيفَ أهمُّ من البصر. وبتقييم السوق: الرغيفُ أرخصُ من الكتاب، والتمثالُ أغلَى من الثوب. فقيمةُ الشيء لا تتعلق بقدر الحاجة إليه، بل بقدر ما نصبح عليه إذا حصَّلناه. فتحصيلُنا الرغيفَ يساوينا بسائر الأحياء، ولكنْ تحصيلُنا الجمالَ لا يجعلُنا أحياءً وحسب، بل يجعلنا بشرًا ممتازين فى أمَّة ممتازة، تُحِسُّ وتُحسنُ التعبيرَ عن إحساسها. الضروراتُ توكلُنا بالأدنَى من مراتب الحياة، أما الذي يرفعنا إلى الأوج من طبقات الإنسان، فهو الفنون !

IP

الاثنين، 15 أبريل 2013

نهداكِ


سَمْرَاءُ.. صبِّي نهدَكِ الأسمرَ في دُنْيَا فَمِي
نَهْدَاكِ نَبعَا لذَّةٍ حمراءَ تُشعِلُ لي دمي
مُتمردانِ على السماء، على القميص المُنْعَمِ
صَنَمانِ عاجيَّانِ… قد ماجا ببحرٍ مُضْرَمٍ
صَنَمانِ.. إنِّي أَعْبُدُ الأصنامَ رَغْمَ تَأثُّمي
فُكِّي الغِلالةَ.. واحْسِري عن نَهْدِكِ المُتضَرمِ
لا تكبتي النارَ الحبيسةَ، وارتعاشَ الأعظُمِ
نارُ الهوى، في حَلْمَتيكِ، أكُولةٌ كجهنَمِ
خَمْريَّتانِ.. احْمَرَّتا بلظى الدمِ المُتَهَجِّمِ..
مَحْرُوقَتَانِ.. بشهوةٍ تبكي، وصَبْرٍ مُلْجَمِ
- نزار قباني - 

IP

الأحد، 14 أبريل 2013

August Rush

   

IP

الحب


وللحب علامات يقفوها الفطن، ويهتدي إليها الذكي. فأولها إدمان النظر، والعين باب النفس الشارع، وهي المنقبة عن سرائرها، والمعبرة لضمائرها والمعربة عن بواطنها. فترى الناظر لا يطرف، يتنقل بتنقل المحبوب ويتروي بانزوائه، ويميل حيث مال كالحرباء مع الشمس. ومنها الإقبال بالحديث. فما يكاد يقبل على سوى محبوبه ولو تعمد ذلك، وإن التكلف ليستبين لمن يرمقه فيه، والإنصات لحديثه إذا حدث، واستغراب كل ما يأتي به ولو أنه عين المحال وخرق العادات، وتصديقه وإن كذب، وموافقته وإن ظلم، والشهادة له وإن جار، واتباعه كيف سلك وأي وجه من وجوه القول تناول. ومنها الاسراع بالسير نحو المكان الذي يكون فيه، والتعمد للقعود بقربه والدنو منه، واطراح الأشغال الموجبة للزوال عنه، والاستهانة بكل خطب جليل داع إلى مفارقته، والتباطؤ في الشيء عند القيام عنه. ومنها بهت يقع وروعة تبدو على المحب عند رؤية من يحب فجأة وطلوعه بغته. ومنها اضطراب يبدو على المحب عند رؤية من يشبه محبوبه أو عند سماع إسمه. ومنها أن يجود المرء ببذل كل ما كان يقدر عليه مما كان ممتنعاً به قبل ذلك، كأنه هو الموهوب له والمسعي في حظه، كل ذلك ليبدي محاسنه ويرغب في نفسه. فكم بخيل جاد، وقطوب تطلق، وجبان تشجع، وغليظ الطبع تطرب، وجاهل تأدب، وتفل تزين، وفقير تجمل. وذي سن تفتى، وناسك تفتك، ومصون تبذل. وهذه العلامات تكون قبل استعار نار الحب وتأجج حريقه وتوقد شعله واستطارة لهبه. فأما إذا تمكن وأخذ مأخذه فحينئذ ترى الحديث سراراً، والإعراض عن كل ما حضر إلا عن المحبوب جهاراً. ومن علاماته وشواهده الظاهرة لكل ذي بصر الإنبساط الكثير الزائد، والتضايق في المكان الواسع، والمجاذبة على الشيء يأخذه أحدهما، وكثرة الغمز الخفي، والميل بالإتكاء، والتعمد لمس اليد عند المحادثة، ولمس ما أمكن من الأعضاء الظاهرة. وشرب فضلة ما أبقى المحبوب في الإناء، وتحري المكان الذي يقابله فيه.
- ابن حزم -

IP

الثلاثاء، 19 مارس 2013

عذاب


لما كان غير راض عن عذاباته الواقعية فإن القلق يفرض على نفسه عذابات متخيلة, هو كائن يعتبر اللاواقع موجودا , بل يجب أن يوجد وإلا فمن أين يحصل على وجبة العذاب الذي تتطلبه طبيعته

IP

الأحد، 10 فبراير 2013

في وداع شكري بلعيد


الذي يجبرنا على أن نزغرد في جنازات شهدائنا هو ذلك الذي قتلهم، نزغرد حتى لا نجعله يحس لحظة أنه هزمنا
الصورة لزوجة وابنة الشهيد التونسي شكري بلعيد خلال تشييع جثمانه الى مقبره الجلاز في تونس 
الجمعة 08 فبراير 2013

IP

الخميس، 31 يناير 2013

الجمال والقبح


تلاقى الجمال والقبح ذات يوم على شاطئ البحر ، فقال كلّ منهما للآخر " هل لك أن تسبح؟"
ثم خلعا ملابسهما وخاضا العباب ، وبعد برهة عاد القبح إلى الشاطئ وارتدى ثياب الجمال، ومضى في سبيله . وجاء الجمال أيضاً من البحر ، ولم يجد لباسه ، وخجل كل الخجل أن يكون عارياً ، ولذلك لبس رداء القبح ، ومضى في سبيله .
ومنذ ذلك اليوم ، والرجال والنساء يخطئون كلّما تلاقوا في معرفة بعضهم البعض . غير أن هنالك نفراً ممكن يتفرّسون في وجه الجمال ، ويعرفونه رغم ثيابه ، وثمة نفر يعرفون وجه القبح ، والثوب الذي يلبسه لايخفيه عن اعينهم
جبران خليل جبران

IP

أربعة هم الناس


أربعة هم الناس :
إنسان جُلّه بهيمة وبعضه إنسان , وإنسان نصفه بهيمة ونصفه إنسان , وإنسان جُلّه
إنسان وبعضه بهيمة , وإنسان كله إنسان .
أما الاول فما لفكرة الكمال أقل سلطاناً عليه , وأما الثاني فيحلم بالكمال ولكنه لا 
يسعى إليه , وأما الثالث فيحلم ويفكر ويؤمن ويشتاق ويسعى بكل واسطة لديه , وأما
الرابع فقد وصل إلى ما وراء الحلم والفكر والايمان والشوق والسعي فلا يغريه تصفيق 
ولا يؤذيه تصفير , والثالث من هؤلاء الاربعه احقهم بالتقدير وبالمحبه والغفران ,لانه
لا يصارع البهيمية في نفسه لا غير , بل يصارع كذلك الناس الذين ما برحوا جُلّهم 
بهيمة , والذين نصفهم بهيمة , فهؤلاء لا ينفكون يزرعون في طريقه الفخاخ 
لينصروا البهيمة فيه على الانسان كيما يبقى واحداً منهم وضمن حظيرتهم .
أيّها الكمال ما أدناك وما أقصاك , وما أمرك وما أحلاك !
أيها الكمال لا تحصي علي عثراتي .
أيها الكمال ليكن شوقي إليك شفيعا بي لديك .
ميخائيل نعيمة | مذكرات الاطرش

IP

انا من هناك


أناَ منْ هُنَاكَ، ولي ذِكْرياتٌ ، وُلِدْتُ كما تُولَدُ النَّاس 
لِي وَالدَهْ وبيتٌ كثير النَّوافذِ، لي إخْوةٌ، أصدقاءُ، وَسجْنٌ بنَافذَةٍ بَاردَهْ
وَلي مَوْجَةٌ خَطَفتْهَا النَّوارس، لي مَشْهَدي الخاصُّ، لي عُشْبَةٌ زَائِدَهْ
وَلي قَمَرٌ في أقاصِي الكَلاَم، ورزْقُ الطُّيُور، وَزَيتونَةٌ خَالِدَهْ
مَرَرْتُ على الأَرْض قَبْلَ مُرُور السُّيُوفِ على جَسدٍ حوّلُوه إلى مَائِدهْ
أَنَا مِنْ هُناك، أُعيدُ السَّمَاءَ إلى أُمِّها حينَ تبكي السَّمَاءُ على أمَّهَا،
وَأَبْكيِ لتَعْرفَني غَيمَةٌ عَائِدهْ
تَعَلّمْتُ كُلِّ كلام يَليقُ بمَحكَمَةِ الدِّم كَيْ أُكْسِرَ القَاعِدهْ
تَعَلّمتُ كُلِّ الكَلاَم، وَفَكَّكْتُهُ كَيْ أُرَكِّب مُفْرَدَةً وَاحِدَهْ
هِيَ: الوَطَن
محمود درويش

IP

الأربعاء، 16 يناير 2013

التنزه في المقابر

 انني عادة ما انصح أصدقائي، بل حتى الناس الذين لا أعرفهم، والذين يمرون بفترة ضيق ويأس بالذهاب الى المقابر أقول لهم : "ان المكوث لمدة عشرين دقيقة داخل مقبرة يكفي، لا للقضاء على اكتئابهم، لكن، تقريبا لجعله متجاوزاً". مؤخرا صادفت فتاة أعرفها منذ مدة، وهي في حالة ضيق شديد جراء الحب، قلت لها: "اسمعي، انك على مقربة من مونبارناس، اذهبي هناك تنزهي لنصف ساعة من الزمن وسترين ان مصيبتك غدت مستحملة". ان زيارة مقبرة أجدى من مراجعة طبيب، جولة سريعة في مقبرة هي درس آني في الحكمة، شخصياً، مارست هذه الامور، ان ذلك ليس حلا، لكنه، نسبياً، مجدِ. ماذا بوسعنا ان نقول لانسان يلفه يأس عظيم؟ لا شيء. تقريباً، ان انجع وسيلة لتحمل هذا النوع من الفراغ هي ان يكون لدى الانسان وعي بالعدم، من دون ذلك، الحياة لا تحتمل، اذا كان لدى الانسان وعي بالعدم، فان كل ما قد يصيبه يحتفظ بنسبه العادية بعيداً عن النسب المجنونة التي تطبع الافراط في اليأس.
اميل سيوران

IP

الجمعة، 4 يناير 2013

عزف منفرد لمارسيل

كحياة الزهرة تسقط أيام السنة ؛ نبلغ نجومها ؛ تشحب وتقترب من الافول لنلتقي على وقع يومين من رأس السنة الجديدة ؛ نتقدّم إلى باب نبع خفي ؛ إلى الغموض الجميل بحثاً عن حريّة تشّع مثل نجمة الصباح الوضيئة ؛ أيتها الحياة أيها النور ما أغلاكما ؛ لن نتوقف عن المقامرة وسنراهن بكل ما نملك لابتسامة من البهجة تعمّ أرجاء السماء ؛ نسير وراء أحلامنا لتتأجج الحياة في الألم الصامت في النور الشاحب في الدموع الليلية في الحروب الصغيرة في العواصف المتفجرة في مطر الدم في لون الغروب المرتجف المنبعث من مصباح الزمن في نصاعة بيضاء ؛ في حرية ملتهبة في جذوة متقدة في وردة الصمت يقيناً أنه ما يزال هناك حب في هذا العالم ينقذنا ويكنّس شظايا الألم ؛ نضفر الأكاليل لنتوّج تفتّح الزهور ؛ لكم فرحة لا يمكن إحتواؤها أبداً تفيض وتتدفق كالماء في القلوب.

IP

الخميس، 3 يناير 2013

أسطورة التوت


كانت الثمار الحمراء لشجرة التوت بيضاء كالثلج. وقصة تغير لونها قصة غريبة ومحزنة، ذلك أن موت عاشقين شابين كان وراء ذلك. فقد أحب الشاب بيراموس العذراء الصغيرة ثيسبي وتاق الاثنان إلى الزواج. ولكن الأهل أبوا عليهما ذلك ومنعوهما من اللقاء، فاكتفى العاشقان بتبادل الهمسات ليلآ عبر شق في الجدار الفاصل بين منزليهما. حتى جاء يوم برح بهما فيه الشوق واتفقا على اللقاء ليلآ قرب مقام مقدس لأفروديت خارج المدينة تحت شجرة توت وارفة تنوء بثمارها البيضاء.
وصلت الفتاة أولآ ولبثت تنتظر مجيء حبيبها. وفي هذه الأثناء خرجت لبؤة من الدغل القريب والدم يضرج فكَّيها بعد أن أكلت فريستها، فهربت ثيسبي تاركة عباءتها التي انقضت عليها اللبوة ومزقتها إربآ ثم ولَّت تاركة عليها آثار الدماء.
حضر بيراموس ورأى عباءة ثيسبي فاعتقد بأن الوحش قد افترس حبيبته، فما كان منه إلا أن جلس تحت شجرة التوت وأغمد سيفه في جنبه، وسال دمه على حبيبات التوت ولوَّنها بالأحمر القاني. بعد أن اطمأنت ثيسبي لانصراف اللبؤة، عادت إلى المكان لتجد حبيبها يلفظ اسمها قبل أن يموت وعرفت ما حدث، فالتقطت سيفه وأغمدته في قلبها وسقطت إلى جانبه.
وبقيت ثمار التوت الحمراء ذكرى أبدية لهذين العاشقين..


IP